أكون وأنا وأولادي عالما صغيرا تتفاعل فيه الحياة بخيرها وشرها.. بسرورها وأحزانها.. بضعفها وقوتها وهذا العالم الصغير فيه من العجائب والغرائب مثل ما في الكون الكبير تماما، إلا انه بصورة مصغرة.. فيه الضعيف الذي يريد أن ينصاع الجميع للحق ولكنها تقابله القوة التي تعتمد على الناب والساعد.. وفيه الطيبة و التفعيل التي يقابلها المكر والدهاء والتحايل.. واقتناص الفرص.. ثم انتهازها للمنافع والمأرب الخاصة.. وفي هذا العالم الصغير الكثير من نواحي الضعف وساعات اخرى يجمع الضعف فلوله المتفرقة.. فيقف في وجه القوة، وتكون النتائج بحسب تكاتف تلك القوى الضعيفة ضد هذا الأقوى الذي يريد أن يملي إرادته.. وأن يعزز سلطانه باذلا في ذلك كلما يستطيعه من قوة.. ومستعملا جميع أساليبه التي أنها تحقق الفوز والاستعلاء.. إنهم كما يقول المثل الشعبي:
كالجراد الذي يريد ان يأكل حية ميته، ويلتهم قويه ضعيفه..
ثم أنا كرب أسرة أقف من هذه القوى المتضاربة موقف الذي يريد أن يوفق بينها.. ألا يجعل واحدة منها تطغي على الأخرى.. وان يخفف من غلواء القوى قليلا.. ويرفع من معنوية الضعيف كثيراً ليكون التقارب حتى تسير الحياة على نحو عادل وسليم لا يزعج الضعفاء ولا يحطم الاقوياء، ولا يجعل فريقاً يشعر أنه أخذ بأكثر مما يستحقه من المنافع..
ومع حرصي الشديد على أن أمثل دور رب الاسرة العادل.. إلا انها تمر بي ساعات تكون فيها أعصابي متهيجة فاعالج مشكل الفرقاء بشيء من القسوة والقوة.. وفي هذه الحالة تتفتح علي أبواب كثيرة فأحاول أن أسد هذا واتجاهل ذاك.. ولكن هذه الأبواب تبقى مفتوحة علي..، وتبقى مزعجة حتى أتراجع عن طريقتي في هذا العلاج وألجأ الى التعقل والى سياسة الرفق والمحبة التي طالما جنيت ثمارها.. والتي اعرف ان نجاحها 100%
هذا ناحية تنازع القوى، وتنازع الغلب، وهناك ناحية أخرى هي الناحية المادية التي طالما فتحت أبواباً أكاد بسببها في بعض الحالات ان أخرج من محيطي المفضل وأن أهرب إلى حيث لا يدري أين أنا.. ان هذه المشكلة هي أم المشاكل وعقدة العقد.. التي لها تأثير كبير في أن يعيش الإنسان هادئا أو يعيش في قلق دائم..
يطلب إلى أحد أولادي أن أعطيه مبلغاً من المال لغرض من الأغراض.. وأنا في هذه الحالة لا أستطيع تحقيق رغبته كلها.. كما أنني لا أقوى على حرمانه بتاتاً فأحاول أن أحقق له بعض أغراضه، وأن أحسب حسابا لرغبات الآخرين.. وفي هذه الحالة لا تكون مشاكل ولا تكون مضاعفات.. إلا انني في بعض الحالات قد أضعف فأحقق لاحدهم رغبته كاملة بصرف النظر عن الآخرين ورغباتهمٍ، وبصرف النظر عن قدرتي على العدل والمساواة فيما لو طلبت بالعدل والمساواة.. وفي هذه الحالة أقع في مشكل ومضاعفات ليس لها حد.. وليس لها عد.. أبقى في مضايقاتها والامها مدة طويلة، ولا استطيع أن أتخلص منها إلا بعد عناء وجهد جهيد..
ومع هذه النتائج السيئة لمثل هذا التصرف.. فإنها تمر بي أيضاً بعض الظروف أضعف فيها وأنسى عواقب الأمور ومغباتها فأعود إلى عادتي كما تعود حليمة إلى عدتها القديمة.. فألقى نفس ما كنت لقيته، وابذل نفس المجهود.. واخسر كثيرا من الوقت لإعادة الأوضاع إلى حالتها هادئة راضية مطمئنة..
وهكذا في عالم صغير فيه ما يرضي وفيه ما يغضب فيه القوي وفيه الضعيف.. فيه الخاتل الماكر.. وفيه الساذج المغفل. فيه من يكفيه بعض حقه وفيه من لا يكفيه شيء ولا تقف مطامعه عند حد.
ألا ما أكثر هذا العالم الصغير الذي أعيش فيه وما أحقه بان يكتب عنه مرة ثانية وثالثة.. بل والى الأبد.. لأنه معين لاينضب، ومجال تتجدد فيه الأفراح والماسي بقدر ما تتجدد الليالي والأيام.
أمثل دور رب الاسرة العادل