المواطن الصالح
المواطن الصالح له مقاييس خاصة من جملتها أن يكون نافعا لنفسه وفي نفس الوقت نافعا لوطنه وبقدر ما تزداد منافع الإنسان لوطنه وأبناء وطنه يرتفع مقامه .. وتزداد محبته في النفوس .. ويكون في أرجاء الوطن كالكوكب الوضاء الذي يرسل أشعته في المحيط الذي يعيش فيه .. يرسلها هادئة .. هادية مرشدة لمعالم الطريق .. ويخطئ أولئك الذين يقدرون الناس بما يملكون .. لا بما يقدمونه للوطن .. يخطئون حينما يغبطون أولئك الذين يعيشون لأنفسهم فقط .. يخطئون حينما يجعلون للمواطن الصالح مقاييس أخرى غير ما أشرنا إليه في صدور هذه الكلمة .
ورحم الله ذلك القائد العظيم .. من أسلافنا الأمجاد الذي حينما أراد أن يولي على ناحية من نواحي مملكته أميرا عرض عليه إثنان أحدهما تقي ضعيف والأخر قوي فاجر.. فاختار القوي الفاجر وأعطاه تعليمات وحد له حدودا ورسم له معالم الطريق .. ثم أرسله إلى تلك الناحية .. وقال في تعليل هذا التصرف: إن التقي الضعيف تقواه له وضعفه علينا أما القوي الفاجر فقوته لنا وفجوره على نفسه ..
وقد زعمت ليلى بأنني فاجر لنفسي تقاها أو عليها فجورها
إن ذلك القائد العظيم لم يجعل التقي الذي تقتصر فائدته على صاحبه مقياسا للصلاح .. وإنما جعل المقياس هو ما يقدمه الإنسان لحكومته وبلاده ومواطنيه من المنافع .. وسد الثغرات التي يوكل إليه الإشراف عليها .. وما أحرانا باتباع أولئك الأسلاف الأمجاد .
0
0
2.2K
02-07-2008 01:06 مساءً