حمد المالك.
شبكة المعلومات العالمية أو ما يحلو للبعض تسميته «الإنترنت» أحد أهم الأدوات ذات الأثر الكبير والتغير الواسع في حياة الفرد والمجتمع. فأصبحت أدواته وبالأخص المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعية تستخدم على نطاق واسع من قبل أفراد المجتمعات المختلفة. ولما لهذه التقنية من اهتمام ومتابعة، فلقد برز دورها في التعريف ببعض الشخصيات البارزة في مجتمعنا والمجتمعات العالمية، حيث قام عديد من مستخدمي هذه التقنية بإنشاء مواقع إلكترونية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعية المختلفة لإعطاء بعض المعلومات لمستخدمي الإنترنت عن هذه الشخصيات الرائدة.*
والأديب عبدالكريم الجهيمان ليس ببعيد عن هذه الشخصيات الاجتماعية الرائدة فهو الشخصية التي لها الدور الريادي في التعليم والثقافة والأدب في بلدنا الغالي. ولما لهذه الشخصية من قيمة اجتماعية، فلقد تم تشييد موقع إلكتروني وحساب على موقع التواصل الاجتماعي الشهير (تويتر) للتعريف بهذه الشخصية المهمة وبعض من إنجازاته ومبادراته وأدبه التي قدمها للمجتمع بشتى أطيافه.*
ففي مطلع عام 1429هـ أو بالتحديد في مساء يوم الإثنين 23-3-1429هـ الموافق 31-3-2008م، تم تدشين موقع الأديب عبدالكريم الجهيمان - رحمه الله- بحضور سعادة وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية سابقاً الدكتور عبدالعزيز بن محمد السبيل وبحضور نخبة من المثقفين والأكاديميين والمهتمين بالحركة الثقافية. أتت فكرة إنشاء موقع إلكتروني للأديب في مجلس (إثنينية) أبي سهيل، التي اعتاد أن يقيمها - رحمه الله- في منزله بعد المغرب من كل يوم إثنين، ويحضرها جمع من المثقفين والمريدين والمحبين له، وقام بتصميم الموقع وتنفيذه الكاتب والشاعر عبدالكريم العودة، بدعم ومساندة من جليس الشيخ الدائم الأستاذ والمؤرخ محمد القشعمي (أبو يعرب) والشاعر والكاتب عبدالله الصيخان، وتأييد ومساندة من ابن الأديب المهندس سهيل عبدالكريم الجهيمان. استغرق تنفيذ الموقع قرابة الشهرين، حيث أسهم كلٌ من الأستاذين العودة والقشعمي على جمع المحتوى المناسب وتحويل المادة الورقية منها إلى إلكترونية لعرضه على الموقع. وكان الهدف الرئيسي من إنشاء الموقع الإلكتروني هو تسهيل التعرف إلى منجزات الجهيمان الثقافية، والأدبية، وسرعة الوصول إليها من قبل الدارسين والباحثين، حيث يضم الموقع عدداً من الأقسام الرئيسية التي تتناول سيرة الأديب عبدالكريم الجهيمان، وحياته الأدبية والعلمية، وإنجازاته الصحفية المبكرة كرائد من رواد الصحافة في المملكة العربية السعودية، بإنشائه صحيفة أخبار الظهران، وريادته في المطالبة بتعليم المرأة تعليماً نظامياً، كما يحتوي الموقع على رصد وتوثيق لمؤلفاته المطبوعة ومقالاته، واللقاءات الصحفية والإذاعية والتلفزيونية التي أجريت معه، والكتب والدراسات التي كتبت عنه، ومكتبة للصور النادرة، وقائمة بريدية تتيح للزوار التواصل مع فعاليات الموقع ونشاطاته الجديدة. واستمر الموقع على هذا الشكل لمدة تزيد على 10 سنوات حتى أتت فكرة تطوير الموقع مرة أخرى على يد المؤرخ محمد القشعمي. وفي أوائل عام 1436هـ، تم تغيير تصميم الموقع بحيث أصبح أكثر عصرية وسهولة للمستفيد والباحث عن المعلومة المرادة مع إضافة بعض الأقسام عليه مثل مؤلفاته، حيث اشتمل هذا القسم على جميع مؤلفات الأديب - رحمه الله- مع ملخص وبعض صفحات المقدمة لكل كتاب، وقسم للأوسمة وحفلات تكريمه واشتملت على عدد من حفلات التكريم مثل حفل تكريمه في نادي الوشم عام 1422هـ وحفل تكريمه بمركز بن صالح عام 1421هـ وحفل تكريمه في المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) عام 1421هـ، وقسم لمقالات عنه اشتمل على مقالات تطرقت للأديب أو ذكر فيها - رحمه الله-، وقسم آخر لمؤلفات عنه يسلط الضوء على الكتب التي ألفها أصحابها عن هذا الأديب الرائد. وتحتوي القائمة الرئيسية من الموقع على عدد من الأقسام التي يستطيع من خلالها الباحث الوصول للمعلومة بشكل سريع فاشتملت على التالي: قائمة بالسيرة الذاتية كمولده ونشأته ومشواره الصحفي الطويل ورحلاته ومقالات عن حياته الأدبية والعلمية وقائمة عن الشيخ عن قرب. وتشتمل أيضاً على مؤلفاته المتنوعة وأوسمة وحفلات التكريم ومقالات عن أبي سهيل والمؤلفات التي صدرت عنه وخريطة الموقع وسجل الزوار. وفي الصفحة الرئيسية للموقع أضيفت مجموعة من الفيديوهات التي لها علاقة بالأديب - رحمه الله- من ضمنها ملتقى كتاب الشهر بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة التي ناقش فيها الأستاذ محمد القشعمي أحد كتب الأديب - رحمه الله- «مذكرات وذكريات من حياتي»، وفيديو آخر للندوة العلمية التي شارك فيها الأديب عبدالكريم الجهيمان - رحمه الله- والأستاذ سعد البواردي والأستاذ محمد القشعمي في مجلس حمد الجاسر عام 2007م، إضافة إلى فيديو كامل لتكريمه - رحمه الله- في إثنينية عبدالمقصود خوجه عام 2000م وعديد من مقاطع الفيديو الأخرى التي تم تحويلها إلى نسخة رقمية ورفعها على الموقع الإلكتروني. وما زال العمل جارياً على تطوير الموقع وستتم إضافة عدة تحسينات له مثل رفع كتب الأديب - رحمه الله- كنسخة رقمية بحيث يستطيع الباحث أن يطلع على جميع كتب المفكر من خلال الموقع.*
ولما لوسائل التواصل الاجتماعي من أهمية في هذا الوقت ولما لها من أثر كبير في الشباب وأطياف المجتمع وأن المواقع الإلكترونية وحدها لا تكفي في التعريف بشخصية الأديب - رحمه الله-، فلقد تم إنشاء حساب باسم الأديب - رحمه الله- على موقع تويتر وذلك لشعبيته الجارفة واستخدام السعوديين له بكثرة. وأنشئ الحساب قبل أكثر من ثلاثة أعوام نشر فيه عديد من المعلومات والمحتوى الذي يتعلق بالمفكر - رحمه الله- وسيرته العطرة. ودُعم الحساب في بداية إنشائه من قبل عدد من أصدقاء الأديب من بينهم الأستاذ محمد السيف، والأستاذ محمد القشعمي، والأستاذ محمد اليوسفي، والأستاذ ناصر الحميدي، والأستاذ أحمد الدويحي، وعديد من المثقفين والأدباء الذين لا يسعفني ذكرهم جميعاً فلهم جزيل الشكر والتقدير.*
تشتمل إدارة المحتوى في الموقع الإلكتروني وحساب الأديب - رحمه الله- في المنصة الاجتماعية تويتر على إستراتيجية معينة بحيث تكون المادة المنشورة قابلة للوصول لعدد كبير من مستخدمي الإنترنت. فنوعية المواد المنشورة تختلف باختلاف المناسبات الوطنية والاجتماعية. إضافة إلى نشر الأخبار المختلفة عن الأديب - رحمه الله- والمقالات الحديثة له، حيث وصل عدد الأخبار التي نشرت على موقعه الإلكتروني إلى أكثر من 40 خبراً نشرت قبل وبعد وفاته. ونشر عديد من المقالات عن سيرة الأديب - رحمه الله- كتبت بواسطة عدد من المثقفين والكُتاب الصحفيين من بينها مقال للأستاذ حسين بافقيه بعنوان «فردٌ مِنَ الشَّعب يسأل: أين الطَّريق؟» نشر يوم السبت 17 شعبان 1438هـ ويتحدث فيه الكاتب عن بعض المقتطفات من مراحل حياة الأديب - رحمه الله- العلمية والثقافية. ومقال بعنوان «أسطورة وأساطير» للأستاذ والروائي أحمد الدويحي أشار فيه إلى الدراسات التي تتعلق بكتاب أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب ومن أهمها دراسة قدمها الأستاذ عبدالله محمد حسين العبدالمحسن، ونال بها درجة الماجستير من إحدى الجامعات الروسية، والتي نُشرت ككتاب بعنوان: «تداعي الواقع في الحكايات».*
أما ما يخص حساب الأديب - رحمه الله- على المنصة الاجتماعية تويتر، فينشر فيه عديد من العبارات والجمل المقتبسة من كتبه ومقالاته المختلفة وبعض مما قيل عنه، وهنا أسرد بعض الأمثلة على ذلك:*
«إن مصير المخلوق إلى الموت، وما دام هذا المصير فإن على المرء أن يعمر تلك الدار الجديدة، التي سوف ينتقل إليها، وذلك بأداء الطاعات والتباعد عن الموبقات من الذنوب التي أشدها الكفر».*
«ما أشقاك عندما يقدر لك أن تولد بين أبوين جاهلين يغرسان في قلبك بذور الشر وتترعرع في وسط فاسد يبث في نفسك أنواعاً من الرذائل المهلكة؛ وما أحقك في تلك الحالة بالرثاء».*
«عندما كنت في دور المراهقة كنت متشدداً دينياً .. حتى أنني إذا كنت سائراً في الطريق وسمعت شيئاً من الأغاني، أو الموسيقى سددت أذني بأصابع يدي، وأسرعت الخطى».*
وفي الختام، أحببت أن أذكر أنني لم أسعد برؤية المفكر عبدالكريم الجهيمان - رحمه الله- إلا لمرةٍ واحدة في منزل أستاذي المؤرخ محمد القشعمي وكان في آخر أيامه ومعلوماتي عن هذه الشخصية الرائدة قليلة، ولكن بعد اطلاعي على موقعه وحسابه على تويتر، تمنيت من كل قلبي أنني اختلطت بهذه الشخصية فترة طويلة؛ فهي من الشخصيات النادرة في مجتمعنا بما تملكه من تواضع جم وثقافة عالية وأدب رفيع. وأتمنى أن يكون هذا العمل دافعاً لعديد من أقارب وأصدقاء رواد هذا البلد بأن يبنوا علاقة معرفية مع المجتمع الرقمي لتعريفهم بأدب وثقافة هذه الشخصيات البارزة.*
*مدير البوابة والخدمات الإلكترونية بمكتبة الملك فهد الوطنية*
والمشرف على موقع الأديب عبدالكريم الجهيمان*
hamadnet@gmail.com
*مجلة اليمامة - ٢٢-٨-٢٠١٩م- ص٤٢.