• ×

10:26 صباحًا , الخميس 21 نوفمبر 2024

الملك المؤسس يستقبل طلاب المدرسة الإبتدائية السعودية بالسيح..

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
image
بقلم: *أ.عبداللطيف بن محمد الـمهيني*
• في عام ١٣٥٤ هـ، بدأ تاريخ انطلاقة فكرة مشروع الدولة التنموي الكبير (مشروع الملك عبدالعزيز الزراعي) وهو أوّل مشروع زراعي بالمملكة، والذي كانت فكرته من الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيّب الله ثراه- لمجابهة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، ويعيشها العالم خلال تلك الفترة جرّاء الحرب العالمية الثانية، وكذا تحقيق الأمن الغذائي للمملكة. فكرة سلّمها الملك لوزيره المخلص الأمين عبدالله بن سليمان الحمدان -رحمه الله- الذي حمل هذه الفكرة وعمل على تنفيذها على أرض الواقع بكل همةٍ وعزيمةٍ وجدارةٍ، وبدأت تجارب المشروع الأولى عام 1358 هـ، وكان اختيار المكان سبباً بعد توفيق الله في نجاحه، فالمكان هو (إقليم الخرج) المكان الأنسب والأجود، الغني بعيونه ومياهه، وأرضه الزراعية الخصبة الصالحة لنجاح هذه المشروع بإذن الله. أصبح هذا المشروع واقعاً مشهودا، ونجح بامتياز كرافدٍ تنموي واقتصادي للدولة، فرح وسُرّ بنجاحه الملك عبدالعزيز أيّما فرح، فكان ابن سليمان على قدر ثقه قائده ومليكه.
•عندما بدأ مشروع الخرج الزراعي، انتقل الوزير ابن سليمان وابناؤه وأسرته ورجاله وحاشيته إلى الخرج ليكون قريباً من المشروع ويشرف عليه إشرافاً مباشراً، وكان تعليم أبنائه وأبناء من معه هاجساً له ومحور تفكيره، فافتتح على إثر ذلك (مدرسةً خاصة) أسند إدارتها ومسؤوليتها لرجلٍ مختص يملك القدرة الكافية لتعليم هؤلاء الأبناء أفضل وأحدث تعليم، فكان اختياره لقامةٍ تربوية وتعليمية آنذاك ألا وهو الأستاذ والأديب / حمد بن محمد الجاسر -رحمه الله- الذي تولى المهمة في مدرسة ابن سليمان بالخرج وهي المدرسة (الوزيرية) نسبةً للوزير ابن سليمان، كان ذلك في عام ١٣٦٠ هـ. استمرت هذه المدرسة الخاصة عاماً واحداً فقط (١٣٦٠ - ١٣٦١ هـ). بعد ذلك اقترح الجاسر على ابن سليمان بافتتاح مدرسة حكومية نظامية، نظير الحاجة الملحة لمواجهة زيادة أعداد الطلاب الراغبين في الدراسة النظامية، فأبناء الخرج والنمو السكاني لمدينة السيح الحديثة يتطلب فتح مدرسة نظامية تستوعب هذه الأعداد المطّردة. استحسن ابن سليمان هذه الفكرة فرفع هذا الطلب إلى المشرف على التعليم بالمملكة (ولي العهد) الأمير سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي بدوره عرضها على مقام والده الملك عبدالعزيز فصدرت الموافقة السامية الكريمة بافتتاح أول مدرسة نظامية حكومية في تاريخ التعليم بالخرج وبالتحديد في مدينة السيح، فافتتحت المدرسة عام ١٣٦٢ هـ باسم (المدرسة الابتدائية السعودية)، واقترح الجاسر كذلك أن تُسند إدارتها للمربي والأديب المثقف / عبدالكريم بن عبدالعزيز الجهيمان-رحمه الله- فأصبح الجهيمان هو أول مدير في تاريخ التعليم النظامي بالخرج، وعند مباشرة الجهيمان لمهامه، كان قد سبقه في المدرسة معاونه وأول معلم ووكيل في تاريخ المدرسة وفي تاريخ التعليم النظامي بالخرج الأستاذ المربي / سليمان بن حمد السكيت -رحمه الله- حيث قدم من مدينة حائل بتكليف من مديرية المعارف في نجد، لما له من باع وخبرة تعليمية وإدارية وتنظيمية. عمل الجهيمان والسكيت على تهيئة المدرسة، وإعداد وتنظيم السجلات والملفات، فبدأت خطوات التأسيس عام ١٣٦٢ هـ في مبنى طيني لأحد الأهالي وهو ما يُعرف في مدينة السيح بالخرج (ببيت ابن عقيّل)، ثم شرعت المدرسة في استقبال الطلاب وتسجيلهم. من هنا بدأت انطلاقة التعليم النظامي المبكرة في الخرج، وقد انضم لاحقاً لفريق المدرسة عدد من المعلمين الأكفّاء.
• هذا وقد أعدت إدارة المدرسة حفلاً كبيراً بمناسبة الافتتاح في شهر ذي القعدة من العام 1362هـ حضره عدد من الأعيان وكبار المسؤولين يتقدمهم معالي وزير المالية الشيخ عبدالله بن سليمان الحمدان، وأمير الخرج إبراهيم بن عبدالرحمن النشمي -رحمه الله-. بدأ الحفل بالقرآن الكريم ثم ألقيت عدد من الكلمات والقصائد التي تضمنت الإشادة بدعم القيادة الرشيدة للحركة والنهضة التعليمية، والفرح والاستبشار بافتتاح هذه الصرح التعليمي. بعدها قام الوزير والمسؤولين بأخذ جولة على الفصول الدراسية والالتقاء بأبنائهم الطلاب، وتلمس احتياجاتهم ومتطلباتهم. وخلال هذا الحفل بادر عدد من المسؤولين والأعيان بتقديم التبرعات النقدية دعماً لمسيرة المدرسة، ولتوفير الاحتياجات اللازمة كذلك للطلاب المعسرين.
• وفي حدثٍ تاريخي هام وضمن دعم ورعاية جلالة الملك عبدالعزيز للتعليم، واهتمامه بأبنائه الطلاب بشكلٍ عام ولطلاب هذه المدرسة على وجه الخصوص، وبعد مضي عام على افتتاحها، وبالتحديد في عام ١٣٦٣ هـ وخلال إحدى زيارات الملك عبدالعزيز الأسبوعية الصيفية المستمرة للخرج، اقترح مدير المدرسة وبعض الأهالي لقاءً يجمع طلاب المدرسة مع جلالته. رفعوا هذه الرغبة، فوافق الملك مباشرةً على هذا الطلب محبةً وتقديراً للعلم وطلابه، فكانت هذه الاستجابة محل غبطة وفرح واستبشار وتقدير من الجميع، فاستقبلهم جلالته في جلسته الخاصة بعد صلاة العصر في ظلال بستانه العامر بين جداول المياه وجمال الخضرة والنخيل، تضمن الوفد التعليمي مدير المدرسة وعدد من الطلاب النجباء، فألقى مدير المدرسة أ. عبدالكريم الجهيمان قصيدة باللغة العربية الفصحى، وبعد أن أتم القصيدة سلمها لجلالته مكتوبة، ثم استأذن منه برغبة أبنائه الطلاب بعرض مجموعة من القصائد والأناشيد، والمحاورات الدينية في الفقه والتوحيد، وذلك مما يستهوي الملك ويحب استماعه، وبعد انتهاء عرضهم ومشاركتهم، أبدى الملك رضاه وسروره وإعجابه بما قدموا، وأثنى على أدائهم، ودعا لهم بقوله : (بارك الله فيكم يا أبنائي) عبارات ملكية سامية خلّدها تاريخ التعليم بالخرج إلى يومنا هذا. وأثناء هذا العرض أمام جلالته كان على يمينه ولي عهده الأمير (الملك) سعود، وعلى يساره ابنه الأمير (الملك) فيصل، وبحضور عدد من الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين -رحم الله الجميع-.
• يجدر هنا الإشارة إلى أن اسم المدرسة قد تغيّر بعد فترة من افتتاحها إلى (مدرسة السيح الأولى) ثم في عام ١٣٨٣ هـ أصبحت باسم (مدرسة ثمامة بن أثال الابتدائية) وهو الاسم الحالي لها حتى تاريخه، وفي مبناها الحكومي المسلّح. هذا وقد كانت مدة إدارة الجهيمان للمدرسة هي سنة وشهر وبالتحديد من ١ / ١١ / ١٣٦٢ هـ إلى ٢٩ / ١٠ / ١٣٦٣ هـ.، أعقبه أ. سليمان السكيت، ثم توالى بعده عدد من المديرين.
• بعد افتتاح هذه المدرسة افتتحت مدرسة نظامية أخرى في بلدة الدلم عام ١٣٦٨ هـ باسم (المدرسة السعودية بالدلم)، ثم مدرسة أخرى في نفس العام ببلدة اليمامة باسم (المدرسة السعودية باليمامة)، وفي عام ١٣٦٩ هـ افتتحت مدرسة في بلدة السلمية باسم (المدرسة السعودية بالسلمية)، وأخرى في المحمدي بالدلم باسم (مدرسة المحمدي الابتدائية)، وفي عام ١٣٧٢ هـ افتتحت مدرسة سادسة في بلدة الهياثم، ثم في عام ١٣٧٣ هـ افتتحت مدرسة سابعة في بلدة العذار بالدلم. توالى بعد ذلك افتتاح المدارس النظامية للبنين في جميع المراحل، حيث بلغت أكثر من ١٥٠ مدرسة نظامية حكومية في ظل دعم الدولة وملوكها الكرام. أما أول مدرسة متوسطة نظامية أُسست في الخرج فهي (متوسطة السيح - متوسطة حطين حالياً) فكان افتتاحها في عام ١٣٧٥ هـ وتولى إدارتها عند تأسيسها أ. عبدالوهاب بن عبدالله كلنتن -رحمه الله- وفي المرحلة الثانوية افتتحت أول مدرسة ثانوية نظامية في عام ١٣٨٥ هـ باسم (ثانوية السيح - ثانوية الخرج حالياً)، وأوّل من تولّى إدارتها أ. عبدالله بن محمد الخليفة -رحمه الله-.
• أما نشأة التعليم النظامي للمرأة بالخرج فقد بدأ بافتتاح أول مدرسة حكومية نظامية عام ١٣٨١ هـ باسم (الابتدائية الأولى) وكانت أوّل مديرة للمدرسة هي أ. وردة الوصيف من الجنسية المصرية -رحمها الله- ثم افتتحت مدرسة نظامية أخرى في بلدة الدلم عام ١٣٨٢ هـ باسم (الابتدائية الاولى بالدلم) وتولّت إدارتها أ. سميرة محمد البطروخ من الجنسية الفلسطينية -رحمها الله- وتوالت بعدها افتتاح مدارس البنات في جميع المراحل، حيث بلغت أكثر من ٢٠٠ مدرسة.
• تُعد الأستاذة الفاضلة / فاطمة بنت بديوي العتيبي (حفظها الله) رائدة من رائدات التعليم بالمملكة، فهي أوّل معلمة وأول مديرة سعودية في تاريخ التعليم النظامي بالخرج، وكانت تدرّس في بيتها أكثر من 100 فتاة قبل بداية التعليم النظامي بالخرج، كما ساهمت في حث الأهالي على التسجيل في المدرسة النظامية الأولى عام 1381 هـ.
• وفي مجال المؤسسات التعليمية بالخرج والتي تشرف على المدارس، فقد افتتحت في عام ١٣٧٩ هـ أول إدارة تشرف على مدارس البنين باسم (إدارة تعليم الجنوب) مقرها الخرج وتشرف على مدارس مدن جنوب الرياض (الخرج - حوطة بني تميم - الحريق - الأفلاج - وادي الدواسر - السليّل). ولم تستمر هذه الإدارة بالخرج سوا لعامٍ واحدٍ فقط، وكانت بإدارة أ. معجب بن سعيد آل حامد -رحمه الله- وفي عام ١٣٨٧ هـ افتتح (مكتب التعليم بالخرج) واستمر لمدة ثمان سنوات بين عامي (١٣٨٧ - ١٣٩٥ هـ) وتولّى إدارته بالترتيب: أ. محمد بن حمد آل سليم ثم أ. راشد بن عبدالله الرويشد -رحمه الله- ثم أ. عبدالله بن إبراهيم أبو عباة -رحمه الله- وفي عام ١٤٠١ هـ افتتحت إدارة تعليمية عامة باسم (إدارة التعليم بالخرج) وتولى إدارتها أ. عبدالعزيز بن إبراهيم الراشد.
• أما أول مؤسسة تعليمية بالخرج تُشرف على مدارس البنات فكانت (مندوبية تعليم البنات بالخرج) والتي افتتحت عام ١٣٨٢ هـ، وتولّى إدارتها أ. سليمان بن عبدالرحمن المشعل -رحمه الله- واستمرت حتى افتتاح إدارة تعليمية عامة للبنات عام ١٤٠٥ هـ باسم (إدارة تعليم البنات بالخرج). وتولّى إدارتها د. عبدالعزيز بن عبدالله الغدير -رحمه الله- كما افتتح في الدلم عام ١٣٩٢ هـ مندوبية باسم (مندوبيــــة تعليم البنات بالدلم) ضُمّت لإدارة تعليم البنات بالخرج عام ١٤٠٥ هـ. وفي عام ١٤٣١ هـ تم دمج الإدارتين (البنين والبنات) في إدارة تعليمية واحدة وتولّى أ. سعود بن ناصر العثمان إدارتها. هذا وقد تعاقب على الإدارات السابقة عدد من القيادات التعليمية والتربوية. ويدير إدارة تعليم الخرج حالياً أ. عبدالله بن عاقل الزايدي، وهي ضمن إدارات محافظات منطقة الرياض التابعة حالياً للإدارة العامة للتعليم بمنطقة الرياض ابتداءً من عام ١٤٤٤ هـ، تحت قيادة مديرها أ.د نايف بن عابد الزارع.
• ما سبق ماهي إلا شذرات عن بداية التعليم النظامي بالخرج، لا يسع المقام لذكر تفاصيله وأعلامه، ويمكن الاستزادة بالرجوع للإصدارات الخاصة لكاتب هذه السطور عن تعليم المنطقة الموضحة في الهامش، والمودعة في مكتبة الملك فهد العامة، وفي دارة الملك عبدالعزيز. والله الموفق،،

* مشرف تربوي وأمين اللجنة الثقافية بالخرج
باحث في تاريخ التعليم بالمملكة، ومؤرخ لتاريخ التعليم بالخرج

الـمراجع.................................
- كتاب: (تعليم الخرج والدلم في مئة عام/ ط 1 - 1443هـ) من إصدارات الكاتب
- كتاب: (إدارة ومدارس تعليم الخرج تاريخ وأعلام / ط 1 - 1445هـ) من إصدارات الكاتب

| مجلة اليمامة - 2024/10/10م

بواسطة : admin
 0  0  65
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 10:26 صباحًا الخميس 21 نوفمبر 2024.