قد ترى في إيهابي النضو شيخا = كان فيما مضى بشرخ الشباب
طاف في نفسه خيال التعالي = وهو لم يعد حفنة من تراب
مر في هذة الحياة بأطوار = طواها كطي طرس الكتاب
كان فيها دقات قلب سعيد = خالطتها مرارة من عذاب
وبها من عواصف الدهر هوجا = وبها من نسمة المستطاب
لم يعد لي من ذا وذاك سوى الذكرى = تساوى معمورها بالخراب
رب يوم رأيت فيه فقاقيع = تصورتها بشكل القباب
وخفايا من قبل كنت مهولا = برؤاها تكشفت عن سراب
وبرايا تمر في مسرح الكون = فخفى كفص ملح مذاب
وتلمست ما حصلت عليه = فإذا بي أسعى بأرض يباب
خدع كلها و ألوان إغراء = تضل الحصيف وجه الصواب
فكن المرء لا تقود خطاه = بارقات المنى على كل باب
وأشرب الصفو والمرنق فيها = شامخ الرأس مستقيم الجناب
إن في هذه الحياة رحيقا = مستذلا وعزة وسط صاب
فإذا شئت أن تكون شريفا = -كنته- أو فكن حليف الذئاب