• ×

05:40 مساءً , السبت 23 نوفمبر 2024

من معاركنا الثقافية

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 تعليقاً على مقالةٍ كتبتها الأسبوع الماضي عن الشيخ الأديب عبد الكريم الجهيمان بمناسبة تدشينه موقعه على شبكة الإنترنت، دار حديث مع أحد الأصدقاء ضمّنه سؤالاً مفاده: هل خاض الجهيمان معارك ثقافية؟ وما أهمها وأشهرها؟! وكان جوابي له أن رحلةً ثقافية طويلة بدأت منذُ عام 1351هـ، حينما وضع الجهيمان مناهج التعليم الديني وإلى هذا اليوم الذي دشّن فيه موقعه الالكتروني، فإنه لابد من معارك ومطارحات ثقافية كان الجهيمان طرفها أو بطلها!
وقبل أن أعرض لما في ذاكرتي عن مطارحات الجهيمان ومعاركه الثقافية، أود التوقف قليلاً للحديث عن المعارك والمطارحات الثقافية التي دارت على صفحات الصحف والمجلات، طيلة نصف قرن من الزمان، فكان لها دور في إثراء الحركة الثقافية والأدبية، فأقول إن كثيراً من تلك المطارحات ما يزال حبيس الأرشيف الصحافي! فلم يُعد نشرها، وحسب ما اطلعت عليه فإنه يندر أن تجد أديباً أو صحافياً أعاد نشر مطارحاته، فباستثناء الأديب علي العمير، يتجاوز كثير من المثقفين السعوديين إعادة نشر مطارحاتهم حينما يكتبون مذكراتهم، خاصةً أولئك الذين رأوا -بعد حين- أنهم انهزموا في معاركهم!
وقبل فترة دار حديث مع الزميل الباحث علي العميم استعرضنا فيه أهم هذه المعارك الثقافية والأدبية وتوصلنا إلى ضرورة إعادة نشرها وطرحها، لأنها باتت تمثل جزءًا توثيقيا مهماً في تاريخنا الثقافي والأدبي. وبرأيي أن الزميل علي العميم، بما يتوافر عليه من منهجية بحثية وحيادية علمية واستقصاءٍ مستوعِب وذاكرة عجيبة وأسلوب أخاذ، هو خيرُ من يتصدى لهذه المهمة التوثيقية، فهو مرجعنا وملجأنا في كل ما يخص الشأن الثقافي العربي، لا المحلي فحسب! أضف إلى ذلك رصده الدقيق للمشهد الثقافي والاجتماعي، بكل تجلياته وتموجاته، ومعاصرته منذ مطلع الثمانينات- له، وهو العِقد الذي انفتح الباب فيه واسعاً لمثل هذه المطارحات، خاصةً بين شعراء ونقاد الحداثة الأدبية ومعارضيهم من المحافظين، إلى أن أغلقه عوض القرني نهاية الثمانينيات بضربة مرفق! كانت موجعة ومؤلمة!
أعود إلى الجهيمان وإلى مطارحاته، لأقول إن الجهيمان نادراً مايتحدث عن معاركه الثقافية ولم يُشر في مذكراته إلى أيٍ منها، الأمر الذي يستوجب بحثاً واستقصاءً في أرشيف يمتد إلى أكثر من خمسين عاماً، وهي مهمة ليست يسيرة، بل عسيرة، إذا ماعلمنا أن أولى معارك الجهيمان تعود إلى عام 1354هـ، أو قريباً منه، حينما دارت بينه والشاعر حسين سرحان معركة أدبية على صفحات صحيفة \"صوت الحجاز\" كان باعثها مقالات نشرها الشاعر حسين سرحان عن زيارته إلى المدينة النبوية ومشاهداته فيها، ولم تنته المعركة إلا بتدخل شخصية اجتماعية مرموقة. غير أن ما أذكره من مطارحات الجهيمان وما عاصرته هو معركته الشهيرة مع الشيخ حمد الجاسر، والتي أعتقد أنها كانت آخر معاركه ومعارك الجاسر نفسه! فقد استمرت ثلاثة أشهر وكان مسرحها صحيفة \"الرياض\"، وباعثها كتاب \"رسائل لها تاريخ\" الذي أصدره الجهيمان فأحس الجاسر أن فرصة فاتت عليه من خلال نشر ما يضمه أرشيفه من رسائل لها تاريخ، لذلك تعقب رفيق دربه بمقالات ثمانٍ، حاول من خلالها الاستدراك على الكتاب وتصحيح بعض ما ورد فيه! وما كاد الجاسر ينهي آخر مقال في سلسلته، حتى جاء الرد من الجهيمان صاعقاً حاداً ساخراً في أغلبه، توقف فيه الجهيمان عند الحلقة الرابعة، على إثر تدخل شخصية اجتماعية مرموقة. وقد جاءت هذه المطارحة بين الشيخين بعد صداقة وزمالة استمرت أكثر من سبعين عاماً.

صحيفة الاقتصادية : الثلاثاء, 01 جماد أول 1429 هـ الموافق 06/05/2008 م - - العدد 5321
بواسطة : admin
 0  0  2.8K
التعليقات ( 1 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    09-02-2008 12:51 صباحًا محمد :
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 05:40 مساءً السبت 23 نوفمبر 2024.